سياسة

أموال سائبة وقوانين مخترقة

5 - أيلول - 2024 / 2:02 مساءا

أموال سائبة وقوانين مخترقة ( بقلم الدكتور علي حسين يوسف سكرتير تحرير وكالة انعكاس نيوز ***) في مشهدنا الراهن، تظهر مشكلة الأموال السائبة بوصفها جزءا لا يتجزأ من تركيبة بنيوية تهتز على وقع انفصال القوانين عن القيم. هناك سيل جارف من الأموال التي تتحرك بعيداً عن الرقابة والتوجيه، تنتشر في مسارات مشبوهة وتُستغل في أغراض تتعارض مع المصالح العامة. إن هذه الظاهرة نتاج فساد مؤسسي خطير، بل نتاج تعقيدات عميقة في العلاقة بين الإنسان والسلطة، بين المجتمع وفكرة القانون ذاته. عندما تتحول النصوص إلى حبر على ورق، لا تحمل عندئذ في طياتها روح القانون. حينها تُسن ولا تُحترم، وتُخترق بطرق ملتوية، وبالتالي تسهم في تشويه الفضاء العام وتؤدي إلى تآكل الثقة بين المواطن والدولة. تصريحات القاضي الأخيرة فضيحة من العيار الثقيل كشفت أن التشويه لا يقتصر على الأبعاد السياسية والاقتصادية فقط، بل يتعداه إلى الساحة الأخلاقية والفكرية. فالقانون الذي لا يكون رقيبا على المؤسسات والأفراد يتحول إلى أداة في يد الأقوياء، وساحة لصراع المصالح الضيقة، مما يفتح الباب أمام انحلال القيم وانزلاق المجتمع نحو الفوضى المقننة التي تتمثل في الأموال السائبة. الأموال التي تنساب بين أيدي السراق لا تمثل هدرا ماديا، بل تمثل رمزية لفشل البنية المؤسساتية في احتواء الأفراد ضمن إطار عدالة مشتركة. ممارسات منفلتة، تخرج عن نطاق الضوابط الأخلاقية والقانونية. وهكذا، تتبدد فكرة العدالة الاجتماعية وتتراجع المصلحة العامة لصالح المصالح الشخصية والفئوية، مما خلق حالة من العبث الوجودي، حيث تُختزل الحياة في ملاحقة الأموال والامتيازات بأي وسيلة ممكنة. اختراق القوانين يكشف لنا عن عجز الدولة عن تنظيم نفسها بشكل عادل، وعن غياب الفهم الحقيقي لروح المؤسسة المهنية.